إدارة الشئون الفنية
فبذلك فليفرحوا

فبذلك فليفرحوا

17 يوليو 2020

 خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 22 من ذي القعدة 1441هـ - الموافق 17 / 7 / 2020م

] فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا.. [

الحَمدُ للهِ ربِّ العالمِينَ، وَالعاقِبةُ للمُتَّقينَ، وَأشْهدُ أَن لَّا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَريكَ لَهُ وليُّ الصَّالحينَ، وَأشْهدُ أَنَّ مُحمَّدًا عبْدُهُ ورَسولُهُ المبعوثُ رحمةً للعالَمينَ، صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلى آلهِ وأَصحابِهِ، وَسلَّمَ تسْليمًا كثيرًا إلى يومِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْـدُ:

فاتَّقُوا اللهَ-عبادَ اللهِ-واعْملُوا بطاعَتِهِ ورِضَاهُ؛ فإنَّهُ مَنِ اتَّقَى اللهَ وقاهُ، وَمَنْ تَوكَّلَ عليهِ كَفاهُ، وَكَفى باللهِ وَكِيلًا.

أيُّها المسْلمونَ:

إِنَّ الحمدَ كلَّ الحمْدِ، والمجدَ كلَّ المجدِ للهِ ربِّ العالمِينَ، الَّذِي خَلقَنا وَرَزقَنا، وَعَافَانا وَأَغْنانا، وَجعَلنا مِنَ المُوَحِّدينَ، نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعالَى عَلَى أَنْ يَسَّرَ لَنا إِقامَةَ صَلاةِ وَخُطْبةِ الجُمُعَةِ بَعْدَ انْقطاعٍ دَامَ عِدَّةَ أَشْهُرٍ بِسبَبِ هَذا الوَباءِ الَّذِي عَمَّ العَالَمَ كُلَّهُ - نْسأَلُ اللهَ تَعَالى أَنْ يَكْشِفَهُ عَنَّا أَجْمَعينَ- وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَسَّرَ لَنا قَبْلَ ذَلِكَ العَودَةَ إِلى الصَّلاةِ فِي المَساجِدِ ضِمْنَ خُطَّةٍ وَضَعتْها الجِهاتُ المَعنيَّةُ لِلتَّعامُلِ مَعَ هَذا الوَباءِ حِرْصًا عَلى سَلامَةِ البِلادِ وَالعِبادِ.

ألا وَإنَّ إِقامَةَ صَلاةِ الجُمُعةِ وَالجماعَةِ لَمِنْ نِعَمِ اللهِ العَظيمةِ الَّتِي تَستَوجِبُ مِنَّا الشُّكْرَ لَهُ سُبْحانَهُ، ومِنْ تَمامِ شُكْرِ هَذِهِ النِّعمَةِ أَنْ نَعْمَلَ مِنْ أَجْلِ بَقائِها وَنَحْرِصَ عَلى دَوَامِها، فَالنِّعْمَةُ إذا شُكرتْ قَرَّتْ، وَإِذا كُفرتْ فَرَّتْ،  قال تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم: 7].

عِبَادَ اللهِ:

لَقدْ حَنَّتْ قلوبُ العبادِ إِلى أَداءِ صَلاةِ الجُمُعَةِ، واشْتاقتْ أَرواحُ المؤمنينَ إِلى سَمَاعِ خُطبَتِها، وَكَيفَ لَا تَشْتاقُ إِليها وَفِيها أُنْسُها وَراحَتُها، وَكَيفَ لَا تَحنُّ إِلَيها وَفِيها يَتِمُّ سُرُورُها وَلَذَّتُها، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ[الجمعة: 9]. وعَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى» [أخرجه البخاري].

أَجلْ يا عبادَ اللهِ! المؤمنُ يفْرَحُ بهذِهِ النِّعمةِ العظيمَةِ، وَيبتهجُ بتلْكَ المِنَّةِ الكَريمَةِ، فالمسجِدُ لِلمؤمِنِ كالهَواءِ لِلأَحياءِ، يُحِبُّهُ وَيعْتادُهُ، وَيشْتاقُ إِلَيهِ وَيرْتادُهُ؛ إِيمَانًا بفضلِ المَسجِدِ وَمَكانَتِهِ، وَطَمعًا بِما عنْدَ اللهِ مِنْ أَجْرِهِ وَكرَامَتِهِ.

جَعَلنِي اللهُ وَإيَّاكُمْ مِنْ عُمَّارِ المَساجِدِ وَرُوَّدِاها، وَمِنْ أَهْلِ النُّفوسِ التَّقيَّةِ الفَائِزَةِ يَومَ معادِها، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغفرُ اللهَ لِي وَلكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتغْفرُوهُ إنَّهُ هُوَ خَيرُ الغَافرينَ.

الخطبة الثانية

الحَمْدُ للهِ، وَأشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَلَا رَبَّ سِواهُ، وَأشْهَدُ أنَّ مُحمَّدًا عَبدُهُ وَرسُولُهُ وَمُصْطفاهُ، صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسلَّمَ وَعلى آلِهِ وَصحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُداهُ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي خَلقَكُمْ، وَاسْتعِينُوا عَلَى طَاعَتِهِ بِمَا رَزَقَكُمْ.

إِخْوةَ الإِيمانِ:

إِنَّ عَودَةَ صَلاةِ الجُمُعَةِ يُثْلجُ صُدورَ المُسْلِمينَ وَيغْمُرُ قُلوبَ المُؤْمِنينَ، وَيبْعثُ عَلَى الفَرَحِ وَالسُّرورِ وَيبُثُّ البَهْجةَ وَالحُبُورَ؛ وَهَذا يَشْمَلُ بِفضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الأعْذارِ مِمَّنْ ثَبَتتْ إِصابَتُهُ بِهَذا المَرَضِ، أَوْ ظَهَرَتْ عَلَيهِ أَعْرَاضُهُ، وَكَذَلِكَ كِبارُ السِّنِّ وَأصْحابُ الأَمْراضِ المُزْمِنَةِ، وَالأَصِحَّاءُ الذينَ يَخْشَونَ عَلى أَنْفُسِهِمُ الإِصابَةَ بِالعَدْوَى، الَّذِينَ لَا يَسْتطيعُونَ حُضُورَ صَلاةِ الجُمُعةِ والجَماعَةِ إذ كَانوا مِنْ قَبْلُ يُحافِظُون عَلَيها؛ فَهُمُ المُبشَّرونَ مِنْ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهِ عَليهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ أَجرَهُمْ حَاصِلٌ لَهُم بِإذْنِ اللهِ تَعَالى، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَريِّ رضيَ اللهُ عنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ؛ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» [أخرجه البخاري].

وَاعْلَمُوا رَحمَكُمُ اللهُ تَعالى أَنَّهُ لا يَتِمُّ دَوام ُواسْتِقرارُ أَداءِ صَلاةِ الجُمُعةِ وَالجَماعَةِ إِلَّا بِمرَاعاةِ الضَّوابِطِ الشَّرْعيَّةِ، وَالأخْذِ بِالنَّصائِحِ وَالتَّوصياتِ الصِّحِّيَّةِ، وَالتِزَامِ الإجْراءاتِ الاحْترازيَّةِ، التي أوصتْ بِهَا الجِهاتُ المعنيَّةُ وَعمَّمتْها وَزارةُ الأوقافِ والشُّؤونِ الإِسْلاميَّةِ؛ مِنْ وُجوبِ الالتِزامِ بِالتَّباعُدِ فِي الصُّفوفِ، وَلُبْسِ الكِمامَةِ، وَإحْضارِ سَجَّادَةِ الصَّلاةِ إِلى المَسْجِدِ، وَتعْقيمِ الأَيْدِي عِنْدَ الدُّخولِ وَعَنْدَ الخُروجِ، وَالوُضوءِ في البَيتِ وَعدَمِ المُصافَحَةِ بَينَ المُصلِّينَ، وَعدَمِ التَّزاحُمِ عَلى الأَبوابِ حِرْصًا عَلى السَّلامَةِ وَأخْذًا بالأَسْبابِ.

اللَّهُمَّ نسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِيننا وَدُنْيَانا وَأَهْلِنا وَمَالِنا، اللَّهمَّ ارْفَعْ عنَّا البَلاءَ وَالوَباءَ وَالغَلاءَ، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنا وَآمِنْ رَوْعَاتِنا، وَاحْفَظْنَا مِنْ بَيْنِ أيدينا وَمِنْ خَلْفِنا، وَعَنْ أَيْمَانِنَا وَعَنْ شِمَائِلِنا، وَمِنْ فَوْقِنا، وَنعُوذُ بِكَ أَنْ نُغْتَالَ مِنْ تَحْتِنا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ والمُسْلِمَاتِ؛ الأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، وَاشْفِ مَرْضَانَا وَمَرْضَى المُسْلِمِينَ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجيبُ الدَّعَواتِ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَميرنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَواصِيهِمَا لِلبِرِّ وَالتَّقْوى، وَاجْعَلْ هَذا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمينَ.

الرقعي - قطاع المساجد - مبنى تدريب الأئمة والمؤذنين - الدور الثاني